السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد اسم داود عليه السلام في ستة عشر موضعا في القرآن الكريم.
وداود عليه السلام ينتهي نسبه إلي يهوذا ابن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الخليل عليه السلام.
وقد ذكر الله تعالي داود في سورة (صلي الله عليه وسلم) فقال:
»واذكر عبدنا داود ذا الأيد انه أواب« انا سخرنا الجبال يسبحن معه بالعشي والاشراق، والطير محشورة كل له أواب«.
وقال عنه عليه الصلاة والسلام:
أحب الصيام إلي الله صيام داود، وأحب الصلاة إلي الله صلاة داود. كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه.. وكان يصوم يوما ويفطر يوما ولايفر اذا لاقي وقال عنه النبي الخاتم صلوات الله وسلامه عليه:
ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وان نبي الله داود كان يأكل من عمل يده.
ونمضي لنقف أمام قصة داود عليه السلام.. فقد دخل بني اسرائيل إلي فلسطين مع يوشع بن نون، وكان يقوم علي أمرهم من بعدهم قضاه منهم، واستمر الأمر علي هذا الحال ٦٥٣ سنة بعد موسي وكانوا يأملون أن يتولي أمرهم ملك من الملوك يستطيع أن يجمع شملهم تحت راية واحدة لمحاربة أعدائهم من العماليق من سكان فلسطين وغيرهم من البلاد المجاورة.. فما أكثر ما خاضوا من معارك مع هؤلاء العماليق، ينتصر تارة ويهزمون تارة أخري.
وقد رغبوا أن يخضعوا لحكم ملك، لأن بعض هؤلاء القضاة الذين كانوا يتولون أمرهم كانوا لايحكمون بالعدل.
كما أنهم رسخت في عقولهم أهمية أن يكونوا تحت لواء ملك يحكمهم بعد هزيمتهم هزيمة الحقت بهم الذل والعار علي يد الفلسطينيين، والذين استولوا منهم علي تابوت العهد وفيه التوراة. أي الشريعة.
وكان من قضاة بني اسرائيل نبي اسمه (صمويل).. لقد ذهبوا إليه في بلدة الراقة، وطلبوا منه أن يقيم عليهم ملكا منهم يقودهم إلي قتال الأعداء والانتصار عليهم.
: الم تر إلي الملأ من بني اسرائيل من بعد قوم موسي، اذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله«.
كان صمويل يعرف نفسية بني اسرائيل، ويعرف أنهم يهربون عندما يجابهون أعداءهم بالحرب، وأنه عندما يحين الجد يهربون ويخادعون، وتظهر حقيقتهم.. فسألهم:
: قال لهم هل عسيتم ان كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا«.
قالوا:
- »وما لنا لانقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا«.
لقد أخذوا يؤكدون لصمويل أنهم قادرون علي القتال، وأهم سوف يقفون صفا واحدا تحت قيادة من يتولي الملك، وأن لديهم القدرة علي الصمود والتحدي وما كان من »صمويل« أن يبحث عن الرجل الذي يستحق أن يكون ملكا، ويخضع له بني اسرائيل، ويقودهم إلي تحقيق أهدافهم، ويحميهم من سطوة أعدائهم.
>>>
واختار لهم صمويل طالوت ليكون ملكا عليهم.. وكان طالوت طويلا.. جميلا.. ولكنه كان فقيرا وقال لهم صمويل:
- ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم، والله يعطي ملكه من يشاء، والله واسع عليم.
وأخذ صمويل يحدثهم عن طالوت ومزاياه »وقال لهم نبيهم ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم، وبقية مما ترك آل موسي وآل هارون تحمله الملائكة، ان في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين«.
كان نبيهم يريد أن يثبت لهم أن الله سبحانه وتعالي اختار طالوت ليكون ملكا عليهم، وأن عليهم أن يلتفوا حوله، ويأتمروا بأوامره حتي يحققوا مكاسب يريدون تحقيقها، وأن آية هذا الملك وهذا الرضا الإلهي. أنه سيأتيهم التابوت الذي فقدوه، تحمله الملائكة.
وما كان منهم إلا أن انتخبوه ملكا عليهم.
>>>
سمع طالوت بفتي جميل.. أشقر ذي عينين زرقاوين، صاحب وجه وسيم.. وكان رغم قصره له مهابة وجلال.. وأن هذا الفتي اسمه داود صاحب الصوت الجميل الأخاذ.. واستدعاه الملك وعرف أن له اثني عشر من الاخوة وكلهم يعملون في الرعي مثله..
يرسم له أديبنا الكبير عبدالحميد جودة السحار هذا المشهد:
»فخرج العبيد يبحثون عن داود حتي اذا عثروا عليه عادوا به إلي الملك، وراح طالوت ينظر إليه، فارتاح إلي منظره، كان أشقر جميلا وكانت عيناه زرقاوين، وكان في وجهه صفاء يعكس صفاء نفسه، وكان قصيرا ولكنه ما كان قميئا.
وأخذ داود يضرب علي العود، وما انبعثت الأنغام حتي أحس طالوت كأنما السحر يسري في الهواء، وشعر بالضيق يجلو عن صدره، وبالنشوة تمشي في أوصاله، وارتفع صوت داود العذب الحنون يمجد الله:
يارب.. ما أعظم اسمك في الأرض ويالروعة جلالك فوق السموات. الأطفال والرضع يسبحون بحمدك وطيور السماء تقدس لك والقمر والنجوم من صنع يمينك.
يارب، ما أمجد اسمك في الأرض، واذا بطالوت يشعر بروحه تهيم في ملكوت السماء، إنه يحس كأنما خلق خلقا جديدا، فالراحة تلفه، والنشوة تسكب فيه، والطمأنينة تغشاه«.
>>>
قرر طالوت أن يجابه الفلسطينيين، فجمع جيشا للقائهم، وتسامع بنو اسرائيل بقوة أعدائهم وخاصة أن الذي يقودهم ذائع الشهرة في شجاعته وخوضه للحروب وهو جالوت«.
وما كاد بنو اسرائيل يسمعون بجالوت وجنوده حتي انخلعت قلوبهم خوفا، وقالوا لملكهم طالوت
- لاطاقة لنا بجالوت وجنوده!
بينما قال البعض الآخر كما يقول القرآن الكريم:
: قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله، والله مع الصابرين«.
وصاح جالوت بصوته المرعب يطلب من عنده الجرأة لمنازلته من رجال طالوت.. وخاف أتباع طالوت من منازلة هذا الرجل الشجاع، وخشي الجميع من هذا التحدي، ولكن داود انبري له وطلب من الملك طالوت أن يقوم بتحدي ومحاربة جالوت!! ونظر إليه الملك فرآه صغير السن، لاقدرة له علي قتال هذا المحارب العملاق، الذي شهدت له ما قام به من معارك علي مهارته في القتال، وعلي قدرته القتالية الهائلة، وعلي ما يتمتع به من جسد قوي، وخشي الملك علي داود، ولكن داود أصر علي المجابهة، وأخذ يقول للملك حتي يثق فيه أنه استطاع أن يقعل أسدا أراد السطو علي شياه أبيه، وأخذ يلح علي الملك حتي يسمح له بالنزال.
كان داود الشاب الصغير السن، مكشوف الصدر، ليس علي صدره درعا يحميه من طعنات عدوه الفائق القوة والشجاعة، وليس معه سوي مقلاع كان يستخدمه للدفاع عن غنمه من الذئاب..!
وأخيرا وافق الملك وأمر أن يحمي صدره بدرع، ولكن داود لم يستطع تحمل هذا الدرع، فخلعه، وقرر أن يجابه جالوت عاري الصدر..
كان داود قوي الايمان، وعلي ثقة من نصر الله له، وأن دافعا قويا يدفعه لأن يتقدم الصفوف، وأن يقترب من هذا الخصم العنيد وأن يواجهه، غير مبال بقدرة هذا الخصم وتمرسه علي القتال، وإطاحته برؤوس العديدين من اعدائه.. ولم يبال بأن الجنود كانت تخشي مواجهته فتفر من أمامه لأن ملاقاته تعني ملاقة الموت، وأن يصير من يتصدي له هو الموت لامحالة.
لم يخشي داود شيئا.. وبكل ثقة تقدم لمقاتله عدوه، وهو يسمع قهقهات السخرية من جالوت، وأخذ داود يهز مقلاعه بعنف، ورمي به صوب رأس جالوت، فإذا بالحجر يخترق رأس جالوت، واذا به يترنح ويهوي إلي الأرض، ويتقدم إليه داود ويجز رأسه بالسيف، وينهي بذلك أسطورة الرجل الذي لايقهر.
و.. »قتل داود جالوت«
ورد اسم داود عليه السلام في ستة عشر موضعا في القرآن الكريم.
وداود عليه السلام ينتهي نسبه إلي يهوذا ابن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الخليل عليه السلام.
وقد ذكر الله تعالي داود في سورة (صلي الله عليه وسلم) فقال:
»واذكر عبدنا داود ذا الأيد انه أواب« انا سخرنا الجبال يسبحن معه بالعشي والاشراق، والطير محشورة كل له أواب«.
وقال عنه عليه الصلاة والسلام:
أحب الصيام إلي الله صيام داود، وأحب الصلاة إلي الله صلاة داود. كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه.. وكان يصوم يوما ويفطر يوما ولايفر اذا لاقي وقال عنه النبي الخاتم صلوات الله وسلامه عليه:
ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وان نبي الله داود كان يأكل من عمل يده.
ونمضي لنقف أمام قصة داود عليه السلام.. فقد دخل بني اسرائيل إلي فلسطين مع يوشع بن نون، وكان يقوم علي أمرهم من بعدهم قضاه منهم، واستمر الأمر علي هذا الحال ٦٥٣ سنة بعد موسي وكانوا يأملون أن يتولي أمرهم ملك من الملوك يستطيع أن يجمع شملهم تحت راية واحدة لمحاربة أعدائهم من العماليق من سكان فلسطين وغيرهم من البلاد المجاورة.. فما أكثر ما خاضوا من معارك مع هؤلاء العماليق، ينتصر تارة ويهزمون تارة أخري.
وقد رغبوا أن يخضعوا لحكم ملك، لأن بعض هؤلاء القضاة الذين كانوا يتولون أمرهم كانوا لايحكمون بالعدل.
كما أنهم رسخت في عقولهم أهمية أن يكونوا تحت لواء ملك يحكمهم بعد هزيمتهم هزيمة الحقت بهم الذل والعار علي يد الفلسطينيين، والذين استولوا منهم علي تابوت العهد وفيه التوراة. أي الشريعة.
وكان من قضاة بني اسرائيل نبي اسمه (صمويل).. لقد ذهبوا إليه في بلدة الراقة، وطلبوا منه أن يقيم عليهم ملكا منهم يقودهم إلي قتال الأعداء والانتصار عليهم.
: الم تر إلي الملأ من بني اسرائيل من بعد قوم موسي، اذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله«.
كان صمويل يعرف نفسية بني اسرائيل، ويعرف أنهم يهربون عندما يجابهون أعداءهم بالحرب، وأنه عندما يحين الجد يهربون ويخادعون، وتظهر حقيقتهم.. فسألهم:
: قال لهم هل عسيتم ان كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا«.
قالوا:
- »وما لنا لانقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا«.
لقد أخذوا يؤكدون لصمويل أنهم قادرون علي القتال، وأهم سوف يقفون صفا واحدا تحت قيادة من يتولي الملك، وأن لديهم القدرة علي الصمود والتحدي وما كان من »صمويل« أن يبحث عن الرجل الذي يستحق أن يكون ملكا، ويخضع له بني اسرائيل، ويقودهم إلي تحقيق أهدافهم، ويحميهم من سطوة أعدائهم.
>>>
واختار لهم صمويل طالوت ليكون ملكا عليهم.. وكان طالوت طويلا.. جميلا.. ولكنه كان فقيرا وقال لهم صمويل:
- ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم، والله يعطي ملكه من يشاء، والله واسع عليم.
وأخذ صمويل يحدثهم عن طالوت ومزاياه »وقال لهم نبيهم ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم، وبقية مما ترك آل موسي وآل هارون تحمله الملائكة، ان في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين«.
كان نبيهم يريد أن يثبت لهم أن الله سبحانه وتعالي اختار طالوت ليكون ملكا عليهم، وأن عليهم أن يلتفوا حوله، ويأتمروا بأوامره حتي يحققوا مكاسب يريدون تحقيقها، وأن آية هذا الملك وهذا الرضا الإلهي. أنه سيأتيهم التابوت الذي فقدوه، تحمله الملائكة.
وما كان منهم إلا أن انتخبوه ملكا عليهم.
>>>
سمع طالوت بفتي جميل.. أشقر ذي عينين زرقاوين، صاحب وجه وسيم.. وكان رغم قصره له مهابة وجلال.. وأن هذا الفتي اسمه داود صاحب الصوت الجميل الأخاذ.. واستدعاه الملك وعرف أن له اثني عشر من الاخوة وكلهم يعملون في الرعي مثله..
يرسم له أديبنا الكبير عبدالحميد جودة السحار هذا المشهد:
»فخرج العبيد يبحثون عن داود حتي اذا عثروا عليه عادوا به إلي الملك، وراح طالوت ينظر إليه، فارتاح إلي منظره، كان أشقر جميلا وكانت عيناه زرقاوين، وكان في وجهه صفاء يعكس صفاء نفسه، وكان قصيرا ولكنه ما كان قميئا.
وأخذ داود يضرب علي العود، وما انبعثت الأنغام حتي أحس طالوت كأنما السحر يسري في الهواء، وشعر بالضيق يجلو عن صدره، وبالنشوة تمشي في أوصاله، وارتفع صوت داود العذب الحنون يمجد الله:
يارب.. ما أعظم اسمك في الأرض ويالروعة جلالك فوق السموات. الأطفال والرضع يسبحون بحمدك وطيور السماء تقدس لك والقمر والنجوم من صنع يمينك.
يارب، ما أمجد اسمك في الأرض، واذا بطالوت يشعر بروحه تهيم في ملكوت السماء، إنه يحس كأنما خلق خلقا جديدا، فالراحة تلفه، والنشوة تسكب فيه، والطمأنينة تغشاه«.
>>>
قرر طالوت أن يجابه الفلسطينيين، فجمع جيشا للقائهم، وتسامع بنو اسرائيل بقوة أعدائهم وخاصة أن الذي يقودهم ذائع الشهرة في شجاعته وخوضه للحروب وهو جالوت«.
وما كاد بنو اسرائيل يسمعون بجالوت وجنوده حتي انخلعت قلوبهم خوفا، وقالوا لملكهم طالوت
- لاطاقة لنا بجالوت وجنوده!
بينما قال البعض الآخر كما يقول القرآن الكريم:
: قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله، والله مع الصابرين«.
وصاح جالوت بصوته المرعب يطلب من عنده الجرأة لمنازلته من رجال طالوت.. وخاف أتباع طالوت من منازلة هذا الرجل الشجاع، وخشي الجميع من هذا التحدي، ولكن داود انبري له وطلب من الملك طالوت أن يقوم بتحدي ومحاربة جالوت!! ونظر إليه الملك فرآه صغير السن، لاقدرة له علي قتال هذا المحارب العملاق، الذي شهدت له ما قام به من معارك علي مهارته في القتال، وعلي قدرته القتالية الهائلة، وعلي ما يتمتع به من جسد قوي، وخشي الملك علي داود، ولكن داود أصر علي المجابهة، وأخذ يقول للملك حتي يثق فيه أنه استطاع أن يقعل أسدا أراد السطو علي شياه أبيه، وأخذ يلح علي الملك حتي يسمح له بالنزال.
كان داود الشاب الصغير السن، مكشوف الصدر، ليس علي صدره درعا يحميه من طعنات عدوه الفائق القوة والشجاعة، وليس معه سوي مقلاع كان يستخدمه للدفاع عن غنمه من الذئاب..!
وأخيرا وافق الملك وأمر أن يحمي صدره بدرع، ولكن داود لم يستطع تحمل هذا الدرع، فخلعه، وقرر أن يجابه جالوت عاري الصدر..
كان داود قوي الايمان، وعلي ثقة من نصر الله له، وأن دافعا قويا يدفعه لأن يتقدم الصفوف، وأن يقترب من هذا الخصم العنيد وأن يواجهه، غير مبال بقدرة هذا الخصم وتمرسه علي القتال، وإطاحته برؤوس العديدين من اعدائه.. ولم يبال بأن الجنود كانت تخشي مواجهته فتفر من أمامه لأن ملاقاته تعني ملاقة الموت، وأن يصير من يتصدي له هو الموت لامحالة.
لم يخشي داود شيئا.. وبكل ثقة تقدم لمقاتله عدوه، وهو يسمع قهقهات السخرية من جالوت، وأخذ داود يهز مقلاعه بعنف، ورمي به صوب رأس جالوت، فإذا بالحجر يخترق رأس جالوت، واذا به يترنح ويهوي إلي الأرض، ويتقدم إليه داود ويجز رأسه بالسيف، وينهي بذلك أسطورة الرجل الذي لايقهر.
و.. »قتل داود جالوت«